للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصوص المتعلقة بالعقائد هو وقت الخطاب، لأن المكلَّف يسمع، فيعتقد. والقضية العملية التي تستدعي الحكمَ لا محيصَ للقاضي عن النظر فيها والقضاءِ عندما تحدُث. فأما العقائد فلو فُرِض أن فرعًا منها لم يُعرَف حالُه من المأخذَين السلفيَّين فحقُّه تركُ الخوض فيه، وأن يكون الخوض فيه بدعة ضلالةٍ، إذ لا مُلجِئ إلى النظر فيه، فضلًا عن الكلام!

وقد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرقٍ أنه قال: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (١) في أحاديث كثيرة في أفضلية الصحابة وكمال إيمانهم ثم أتباعهم. ولا خفاء أنه لم يكن إذ ذاك عند المسلمين خبر لعلم الكلام ولا الفلسفة، وأنه لما حدث بعضُ النظر في الكلام كان بقايا الصحابة ثم أئمة التابعين ينكرونه. وهكذا لم يزل علماء الدين العارفون بالكتاب والسنة المتحققون باتباع السلف ينكرون الكلام والفلسفة، ويشدِّدون على من ينظر فيهما إلى أن قلَّ العلماء، وفَشَتِ الفتنة.

وبالجملة، فشهادةُ الإسلام بكفاية المأخذين السلفيَّين في العقائد وتحذيرُه مما عداهما بغاية البيان، ودلالةُ العقل بذلك واضحة، والله المستعان.

فهل يسوغ مع هذا لمسلمٍ أن يرضى طعن الكوثري في أئمة السنة باقتباسهم العقائد من المأخذين السلفيَّين وردِّهم ما يخالف ذلك؟ كقوله


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥١، ٣٦٥٠) ومسلم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين بلفظ: "خير الناس قرني ... "، وأخرجه البخاري (٦٤٢٩) ومسلم (٢٥٣٣) من حديث ابن مسعود، وأخرجه مسلم (٢٥٣٤) من حديث أبي هريرة. وفي الباب عن غيرهم من الصحابة.