للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الله تبارك وتعالى لمحمد وأصحابه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: ٧٤]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]. وإكمالُ الدين وكمالُ إيمان الصحابة صريحٌ في أن جميع العقائد المطلوب معرفتها في الإسلام كانت مبيَّنَةً (١) موضَّحةً حاصلةً لهم. وليس هذا كالأحكام العملية، فإنه لا يُطلب معرفةُ ما لم يقع سببه منها، فقد يُكتفَى في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببيان الأصل الذي إذا رُجِع إليه عند وقوع سبب الحكم عُرِف منه الحكم.

ثم رأيتُ في "شرح المواقف" (٢) بعد ذكر الأحكام العملية ما لفظه: "وإنها لا تكاد تنحصر في عدد، بل تتزايد بتعاقب الحوادث الفعلية، فلا يتأتى أن يُحَاط بها ... بخلاف العقائد فإنها مضبوطة لا تزايُدَ فيها أنفسِها، فلا تَعَذَّرُ الإحاطةُ بها".

وأيضًا فتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز عند [٢/ ٢٠٨] الجمهور، فأما تأخيره عن وقت الحاجة فممتنع باتفاق الشرائع، كما نقل عن القاضي أبي بكر الباقلاني. ووقتُ الحاجة إلى العقائد المطلوب اعتقادُها في الشرع لا يمكن تأخّرُه عن حياة النبي صلى الله عليه آله سلم. ووقتُ الحاجة في


(١) (ط): "مبنية" خطأ.
(٢) (١/ ٣٨).