للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أن أهل بلدة الرجل أعرف بأحواله فلا يجدي شيئًا؛ لأن أبا تُميلة لم يُشِر أدنى إشارة إلى نفي الترك، ولو أشار أو صرَّح لم يكن في ذلك ما يدفع روايه المثبتين، ومنهم من كان أخصَّ بابن المبارك من أبي تُميلة، كالحسن بن الربيع الذي غمَّض ابنَ المبارك عند موته.

وأما مسانيد (أبي حنيفة) فقد تقدم الكلام فيها في ترجمة الجراح بن منهال (١)، فإنْ صح عن ابن المبارك شيء من روايته عن أبي حنيفة فهو مما رواه سابقًا، فإنه لا يلزم من تركه الرواية عنه بأخرة أن يمحى ما رواه سابقًا من الصدور والدفاتر، ولا يتحتّم على من بَلَغه التركُ بأخرة أن لا يروي ما سمعه سابقًا.

وأما ما يُروى عن ابن المبارك من الثناء، فحاله تُعرف بالنظر في أسانيده ومتونه، كتلك الأبيات السخيفة التي يلهج بها الحنفية، ومنهم الأستاذ. وقوم لم يتورَّعوا عن الكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مناقب إمامهم، كيف يُستبعد منهم الكذب على ابن المبارك؟! فإن قوي شيء من تلك الروايات فليوازَن بينه وبين روايات الذمّ, على أنه لا مانع من أن يُثنى على رجل لمعنى، ويُذم لمعنى آخر، بل هذا موجود بكثرة. (٢)


(١) رقم (٦٢).
(٢) محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، راجع «الطليعة» (ص ٧٠ - ٧٢ [٥٣ - ٥٤]). [المؤلف].