للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأداموا قيام جميع اللَّيل. وبالغوا في الاقتصاد في المطعم؛ لعزَّة الحلال الصِّرْف في نظرهم. وامتنعوا عن النِّكاح؛ لعجزهم ــ بزعمهم ــ عن القيام بمصالح الأهل والولد من الحلال. وبالغوا في العُزلة والخلوة.

ومنها: أنَّ الذين نقلوا هذه الرِّياضة وعملوا بها تلطَّفوا بإدراج كل منها فيما يشبهه من العبادات الشَّرعيَّة. إلى غير ذلك.

وبالجملة فهذه الرِّياضة كما توجد في كتب الهنود وغيرهم توجد في كتب المتصوِّفة بنصِّها وفصِّها؛ إلَّا أنَّ بعضها قد ألبس صورةً غير صورته، كرياضة التنفُّس عند الهنود وغيرهم، وقد ذكرها المتصوِّفة بلفظ «هو الله»، «الله هو»، وجمع الهِمَّة في شيءٍ صوَّرَهُ المتصوِّفة بجمع الهِمَّة في تصوّر الشيخ.

ومنها ما أبقوه على صورته، كأن لا يأكل من روحٍ، ولا مَن خرج مِن روح، وغير ذلك.

وبالجملة فهذه الرِّياضة لقيت قبولًا تامًّا على اختلاف الأغراض.

فمن الناس من كان غرضه منها إضعاف شهوات جسده؛ ليتمكَّن من كثرة العبادة، والإعراض عن الشهوات.

ومنهم من كان حريصًا على الاطِّلاع، فَغَرَضُه منها ما تثمره من قوَّة الإدراك، المسمَّاة بالكشف ونحوه.

ومنهم من كان له غرَضٌ سياسيٌّ تعاناها ليظهر بمظهر الزاهد في الدنيا المقبل على العبادة، ثم لعلَّه يحصل له شيءٌ من قوَّة الإدراك وقوَّة التأثير، فيدَّعي الوَلاية أو المهدويَّة!