فالجواب: أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك يدلّ أن قلبه صلى الله عليه وآله وسلم توجّه إلى ربِّه في قضاء حوائج هذا الأعمى مطلقًا، فهو كلما أراد أن يسأل الله حاجةً فإنما يتوسّل إليه بذلك التوجُّه. وعلى ذلك حديث السؤال بحقِّ السائلين، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«اللهم إني أسألك بحقّ السائلين عليك» معناه: أسألك بحقّ سؤالي، وأما ما بعده فواضح.
وأما حديث الاستشفاع فليس من التوسُّل في شيءٍ، وإنما معناه إنا نطلب منك الشفاعة، وعلى هذا فيجوز (١) للإنسان التوسُّل بجميع أعمال نفسه مطلقًا، وكذا بعمل غيره الذي قام الدليل الشرعيُّ على أنه ينفعه في حاجته التي يريد التوسُّل به فيها خاصة [٢٢٨]، كالتوسل في السُّقيا بدعاء الغير بها، وهذا يوافق توسُّل الصحابة بالعبّاس، وذلك أنهم إنما كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو لهم بالسُّقيا في ذلك الوقت، فدعاؤه بذلك عمل ينفعهم في تلك الواقعة فقط، فإذا أجْدَبوا مرةً أخرى احتاجوا إلى دعاءٍ آخر بها، فلما قُبِض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأجدبوا لم يمكن أن يدعو لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسُّقيا حينئذٍ، فطلبوا الدعاء من عمه لفضله وقرابته، وتوسَّلوا به لكونه عملًا ينفعهم في السُّقيا حينئذٍ.
ويُستنتج مما ذكر أن الرجل من أمة محمد إذا عمل عملًا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدعاءُ لفاعله كان له أن يتوسّل بدعاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيما دعا له به، فكأن يصلي أربعًا قبل العصر عملًا بحديث أحمد والترمذي وأبي داود عن ابن عمر قال: قال رسول الله