للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلمة، ثم بعده سليمان بن المغيرة، ثم بعده حماد بن زيد، وهي صحاح».

الوجه الثاني: أنه تغيَّر بأَخَرة. وهذا لم يذكره إلا البيهقي، والبيهقي أرعبته شقاشقُ أستاذه ابنِ فُورَك المتجهِّم الذي حذا حذوَ ابن الثَّلْجي في كتابه الذي صنفه في تحريف أحاديث الصفات والطعن فيها. وإنما قال البيهقي: «هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فلذا تركه البخاري. وأما مسلم، فاجتهد، وأخرج من حديثه عن ثابت ما سُمع منه قبل تغيُّره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثًا أخرجها في الشواهد» (١).

أقول: أما التغيُّر فلا مستند له، ونصوص الأئمة تبيِّن أن حمادًا أثبتُ الناس في ثابت وحميد مطلقًا، وكأنه كان قد أتقن حفظَ حديثهما. فأما حديثه عن غيرهما فلم يكن يحفظه، فكان يقع له فيه الخطأ إذا حدَّث من حفظه، أو حين يحوِّل إلى الأصناف التي جمعها كما مرَّ.

ولم يتركه البخاري، بل استشهد به في مواضع من «الصحيح» (٢). فأما عدم إخراجه له في الأصول، فلا يوجب أن يكون عنده غيرَ أهلٍ لذلك. ولذلك نظائر، هذا سليمان بن المغيرة الذي تقدم أنه من أثبتِ الناس في ثابت، وأنه أثبتُ فيه من حماد بن زيد، وقد ثبَّته الأئمة جدًّا. قال أحمد: «ثبت ثبت». وقال


(١) نقله مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال»: (٤/ ١٤٥) من كتاب «الخلافيات» للبيهقي، وعنه الحافظ في «التهذيب»: (٣/ ١٧). وانظر الذهبي في «السير»: (٧/ ٤٥٢)، ووقع فيه تخليط فنُسِب بعض الكلام إلى أحمد بن حنبل!
(٢) انظر الأرقام (٧٣٩، ١٠٤٨، ٢٣٦٣، ٢٧٣٠ وغيرها).