للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف القرآن ليس ردًّا على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تكذيبًا له، ولكنه ردّ على من يحدِّث عنه بالباطل، والتهمة دخلت عليه، ليس على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وكل شيء تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلى الرأس والعين، قد آمنا به وشهدنا أنه كما قال، ونشهد أنه لم يأمر بشيء يخالف أمر الله، ولم [ص ٢٢٤] يبتدعْ ولم يتقوَّلْ غير ما قاله الله ولا (١) كان من المتكلّفين).

أقول: هذه العبارة من كتاب «العالم والمتعلم»، وفي نِسْبته إلى أبي حنيفة ما فيها (٢)، والكلامُ هناك في مسائل اعتقادية ومخالفة يراها مناقضة. فأما تبيين السنة للقرآن بما فيه التفصيل والتخصيص والتقييد ونحوها كما مرَّ (ص ١٤ و ٢١٨) (٣) فثابت عند الحنفية وغيرهم، سوى خلاف يسير يتضمّنه تفصيلٌ مذكور في أصولهم، يتوقّف فهمه على تدبّر عباراتهم ومعرفة اصطلاحاتهم، وبعض مخالفيهم يقول: إنهم أنفسهم قد خالفوا ما انفردوا به هناك في كثير من فروعهم ووافقوا الجمهور. بل زاد الحنفية على الشافعية فقالوا: إن السنة المتواترة تنسخ القرآن، وإن الحديث المشهور أيضًا ينسخ القرآن، وكثير من الأحاديث التي يطعن فيها أبو ريَّة هي على اصطلاح الحنفية مشهورة.

ثم ختم أبو ريَّة كتابه بنحو ما ابتدأه من إطرائه وتقديمه إلى المثقفين (٤)، والبذاءة على علماء الدين، ثم الدعاء والثناء، وأنا لا أثني على كتابي، ولا أُبرِّئ نفسي، بل أَكِلُ الأمرَ إلى الله تبارك وتعالى، فهو حسبي ونعم الوكيل،


(١) (ط): «ولو» والتصحيح من كتاب أبي رية.
(٢) تكلم المؤلف عليه بالتفصيل في «التنكيل»: (١/ ٦٦٣ - ٦٦٥).
(٣) (ص ٢٩ و ٤١١).
(٤) انظر تعليق المؤلف على هذا الثناء (ص ٧ ــ ٨). وأما البذاءة فقد حذفها أبو ريَّة من الطبعات اللاحقة ترويجًا لكتابه، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.