العمال من الصحابة وغيرهم ويأمرونهم أن يَقضي ويُفتي كلُّ منهم بما عنده من السنَّة بدون حاجة إلى وجودها عند غيره. هذا مع أن المنقول عن أبي بكر وعمر وجمهور العلماء أن القاضي لا يقضي بعلمه. قال أبو بكر:«لو وجدت رجلًا على حدّ ما أقمتُه عليه حتى يكون معي غيري». وقال عكرمة: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: «لو رأيتُ رجلًا على حدّ زنا أو سرقة وأنا أمير؟» فقال: «شهادتك شهادة رجل من المسلمين»، قال:«صدقت». (راجع «فتح الباري» ١٣: ١٣٩ و ١٤١)(١). ولوكان عندهم أن خبر الواحد العدل ليس بحجة تامة لما كان للقاضي أن يقضي بخبرٍ عنده حتى يكون معه غيره، ولا كان للمفتي أن يفتي بحسب خبر عنده، ويلزم المستفتي العمل به حتى يكون معه غيره. فتدبَّرْ هذا فإنه إجماع، وقد مضى به العمل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه الغِنى.
وذكر شيئًا عن أبي هريرة، وسيأتي في ترجمته رضي الله عنه.
* * * *
الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال أبو ريَّة ص ٦:(لما قرأت حديث: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار» غمرني الدهش لهذا القَيْد الذي لا يمكن أن يصدر من رسول جاء بالصدق وأمر به، ونهى عن الكذب وحذَّر منه، إذ ليس بخافٍ أن الكذب هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء أكان عمدًا أم غير عمد).
ثم ذكر ص ٩ أنَّ كلمة «متعمدًا» (لم تأت في روايات كبار الصحابة، قال: ويبدو أن هذه الكلمة قد تسللت إلى هذا الحديث على سبيل الإدراج لكي يتكئ عليها الرواة فيما