للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يروونه عن غيرهم من جهة الخطأ أو الوهم أو الغلط ... ذلك بأن المخطئ غير مأثوم. أو أن هذه الكلمة وُضِعت ليسوِّغ الذين يضعون الأحاديث عن غير عمدٍ عملَهم).

ثم أطال الكلام ص ٣٦ فزعم أن (الروايات الصحيحة التي جاءت عن كبار الصحابة، ومنهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين [ص ٤٨] تدل على أن هذا الحديث لم تكن فيه تلك الكلمة (متعمدًا)، قال: وكل ذي لبّ يستبعد أن يكون النبي قد نطق بها، لمنافاة ذلك للعقل والخُلُق اللَّذَيْنِ كان الرسول متصفًا بالكمال فيهما).

أقول: أما الرواية فقد جاءت عن كبار الصحابة وغيرهم بلفظ: «مَنْ كَذَب عليّ فليتبوّأ .. » الخ، وبما يؤدي معناه مثل: «مَنْ قال علَيَّ ما لم أقل .. » الخ، وجاءت بلفظ: «مَنْ كَذَب عليّ متعمدًا فليتبوّأ» الخ، وبما يؤدّي معناه مثل: «مَنْ تعمّد عليَّ كذبًا» الخ. راجع البخاري مع «فتح الباري» (١) و «صحيح مسلم» (٢) و «مسند أحمد» (٣) و «تاريخ بغداد» (٤) و «كنز العمال» (٥: ٢٢) و «مشكل الآثار» للطحاوي (١: ١٦٤ ــ ١٧٦) (٥).

وقد يمكن الترجيح بالنظر إلى الرواية عن صحابي معين، فأما على الإطلاق فلا. وكما أن الله عز وجل كرَّر في القرآن بيان شدّة الإثم في افتراء الكذب عليه فمعقول أن يكرر رسوله. وها هنا بحثان:


(١) البخاري رقم (١٠٨)، و «الفتح»: (١/ ٢٠١ ــ السلفية) عن أنس.
(٢) رقم (٢) عن أنس.
(٣) رقم (٤٦٩، ٥٠٧) عن عثمان، و (٥٨٤، ٧٨٩، ١٠٧٥) عن علي، و (١٤١٣) عن الزبير، و (٣٨١٥، ٣٨٤٧) عن ابن مسعود رضي الله عنهم.
(٤) (١/ ٢٦٥، ٣/ ٥٠) عن ابن مسعود، و (٢/ ٨٤) عن أبي موسى، و (٢/ ٢٢١) عن عثمان، و (٣/ ٢٥) عن طلحة، و (٥/ ١١٥) عن عليّ رضي الله عنهم.
(٥) (١/ ٣٥٢ ــ ٣٧٢ ــ ط الرسالة).