للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٢٨)

[ل ٣٣/أ] الحمدُ لله المتعزِّزِ بكمالِه، المتقدِّسِ بجلالِه، المتفضِّلِ بجُوده وإفضالِه. وأشهَدُ ألَّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ونبيُّه الذي بالهدى ودين الحق أرسَلَه. صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وعلى صحابته المقتدين بفَعالِه.

أما بعدُ ــ عبادَ الله ــ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنَّ تقوى الله هي نجاةُ العبد ورأسُ مالِه. كم قَرَعَتْنا المواعظُ بأقوالها وأحوالها، فلم نلتفت إليها! وكم دُعينا إلى أسبابِ النجاة، فلم نعرِّجْ عليها! بل كلُّ أحد منَّا منهمكٌ في ضلالِه، مسرِفٌ على نفسه، مسيءٌ في أعمالِه؛ أردَتْه كثرةُ طمعِه وطولُ آمالِه، لا يحترزُ من الفحش في أفعالِه وأقواله. قد مدَّ له الشيطانُ من حِبالِه، وأغراه بحلِّ عِقالِه، ووسَّعَ له من الجهالة في مِحالِه، كأنَّه يظنُّ إمهالَه (١) ربُّه من إهماله، أو لا يصدِّق ببَعثِه، ولا يؤمن بمآلِه!

ما لَنا لا نغتِنُم رمضان، ولا نكُفُّ فيه عن العصيان، ويتوجَّه كلٌّ منَّا إلى الله بصدقِ إقبالِه! هذا ربيعُ الفضلِ لِرُوَّاده، والمغنمُ الباردُ لِسُؤَّاله. فيا طُوبَى لمن اغتنَمَه، ويا شقاءَ مَن حُرِمَه! فإنَّه مَفاضُ فضلِ الله، ومَنالُ نواله.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "من صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه. ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه. ومن قامَ ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه" (٢).


(١) كذا في الأصل. أضاف المصدر إلى مفعوله ورفع الفاعل بعده.
(٢) أخرجه البخاري (٣٨) ومسلم (٧٦٠) من حديث أبي هريرة.