للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفر، وذلك كأن يباشر المعلم والمتعلم الأعمال الشركية، كأن يلبسا اللباس الخاص بزُحَل ويبخِّرا ببخوره، ويقْعُدا يدعُوانه ويعظِّمانه، أو يقرِّبا القُرْبان المخصوص بالجنِّ ويقعدا يدعُوان الجنَّ، أو اعتقدا أنَّ تعظيم الكواكب جائز أو أنَّ تعظيم الملائكة يحملهم على نفع المعظِّم، وقس على ذلك.

وإن لم يكن إلَّا ذكر الصفة وسماعُها فليس في ذلك كفر، لكن إذا عَلِمَ الواصفُ أنَّ السامع يريد العمل فلا شكَّ أنه لا يجوز له حينئذٍ الوصف، بل ربما يكفر به؛ فإن كان راضيًا بأن يعمل السامع فلا شك في كفره، والله أعلم.

وكذلك إذا خاف الإنسان من نفسه أنه إذا علم الصفة نازعته نفسه إلى العمل بها فإنه لا يجوز له استماع الصفة، فأما إذا كان عازمًا على العمل فهذا العزم كفر. ويظهر لي أن مجرَّد ذكر الصفة مع ظنِّ الواصف أنَّ السامع لا يريد العمل لا يَصْدُقُ عليه أنه تعليم، وكذلك مجرَّد استماع الصفة مع عدم إرادة السامع العمل لا يُسمَّى تعلُّمًا، فتدبَّر.

وأما السحر الذي ليس فيه عبادة لغير الله تعالى ولا كذب عليه سبحانه ولا تكذيب بآياته [٦٩٤] ففيه نظرٌ، وقد يُحْتَجُّ لمالكٍ ومَن وافقه بقول الله عزَّ وجلَّ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ