وأما عدم اشتهار الحديث عن ابن عباس، فلا يضرُّه بعد أن رواه عنه ثقة جليل فقيه، وهو عمرو بن دينار. وكم من حديث صحَّحه الشيخان وغيرهما مع احتمال أن يقال فيه مثلُ هذا أو أشدُّ منه. هذا حديث «إنما الأعمال بالنيات» عظيم الأهمية عند أهل العلم حتى قالوا: إنه نصف العلم، وهذا مما يقتضي اشتهاره. وفي روايته ما يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب به على المنبر (١)، وهذا مما يقتضي اشتهاره. وذُكِر فيه أن عمر بن الخطاب رواه وهو يخطب على المنبر، وهذا مما يقتضي اشتهاره. ومع ذلك لم يروه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير عمر بن الخطاب، ولا رواه عن عمر غير علقمة بن وقاص، ولا رواه عن علقمة غير محمد بن إبراهيم [٢/ ١٤٨] التيمي، ولا رواه عن محمد غير يحيى بن سعيد الأنصاري. ومع ذلك صحَّحه الشيخان وغيرهما، وجعلوه أصلًا من أصول العلم، بل جعلوه نصف العلم، كما مرَّ.
فإن قيل: لكن له شواهد.
قلت: وحديث القضاء بالشاهد واليمين كذلك، فقد جاء من رواية جماعة من الصحابة بأسانيد جيدة قد صححوا نظائرها. وجاء من رواية آخرين بأسانيد تصلح للاستشهاد. وجاء من مرسل عدةٍ من التابعين، وكان عليه عمل أهل الحجاز لا يُعرف عندهم خلافُه.
فإن قيل: فقد قلتَ في حديث ابن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس في قطع يد السارق في ثمن المِجنّ، ما قلتَ.