للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينصُّوا على أسماء الذين روى عنهم ولم يسمع منهم، كما تراه في تراجم مكحول، والحسن البصري، وأبي قلابة عبد الله بن زيد، وغيرهم. ولم نجد في ترجمة عمرو إلا قول ابن معين: «لم يسمع من البراء بن عازب». ولعله لم يرسل عن البراء إلا خبرًا واحدًا (١). وسماع عمرو من ابن عباس ثابت.

والحكم عندهم فيمن ليس بمدلِّس، ولكنه قد يرسل لا على سبيل الإيهام أن عنعنته محمولة على السماع، إلا أن يتبين أنه لم يسمع، كالحديث الذي رواه شعبة عن عمرو عن جابر، وقد تقدم. ووجه ذلك أنه لم يثبت عليه إلا أنه قد يُرسل لا على وجه الإيهام، ومعنى ذلك أنه لا يرسل إلا حيث يكون هناك دليل واضح على أنه لم يسمعه، فحيث وجدنا دليلًا واضحًا على عدم السماع فذاك، وحيث لم نجد كان الحكم هو السماع.

ألا ترى أن الثقة قد يخطئ، ومع ذلك فروايته محمولة على الصواب ما لم يقم دليل واضح على الخطأ، فأولى من ذلك أن يُحكَم بالاتصال في حديث من لم يُعرف عنه إلا الإرسالُ حيث لا إيهام؛ لأن المخطئ قد يخطئ حيث لا دليل على خطائه، بخلاف المرسل.

والحكم عندهم فيمن عُرف بالتدليس وكثُر منه، إلا أنه لا يدلِّس إلا فيما سمعه من ثقة لا شك فيه، أن عنعنته مقبولة، كما قالوه في ابن عيينة، فما بالك بما نحن فيه؟


(١) وهو عن البراء مرفوعًا: «يا معشر التجار، إنكم تكثرون الحلف، فاخلطوا بيعكم هذا بالصدقة». أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٧/ ٢١، ٢٢) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٢٠٨٢) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٨٤٨).