للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في قوله: {عَذَابٌ عَظِيمٌ}، {عَذَابٌ أَلِيمٌ} = اقتضى الحال أن يفصل أيضًا نعيم

المؤمنين الذي أجمل بقوله في أول السورة: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ففصله في آية (٢٥)، وذكر فيها ثمر الجنة وتشابهه والأزواج المطهرة؛ ليرتبط بما بعده من قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ... } [آيتي: ٢٦ - ٢٧]؛ [٣/ب] فإن الثمرة وتشابهها، والأزواج وطهارتها، يصدق عليهما أنهما مثل لنعيم الجنة.

قال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥].

وقال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: ١٥].

هذا مع أن قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} موجه بالذات إلى إنكار المنافقين المثلين المتقدمين فيهم في أول السورة ــ كما جاء عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة (١) ــ ولكن لم يكتف بهذا الربط لما قدمنا.

وعبر في آية (٢٦) بقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} ولم يقل: (نافقوا)، وإن كان السياق يبين أنهم المراد؛ لأمرين:

الأول: الإشارة إلى أن الكفار المصرحين قد يشاركون المنافقين في ذلك.


(١) انظر: "تفسير الطبري" (شاكر ١/ ٣٩٨).