للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث عبد الله بن أبي ربيعة عند البيهقي (١) وغيره مرفوعًا، وفيه: «إنما جزاء السلف الحمد والوفاء». ويصرِّح به أثر ابن عمر عند مالك (٢) وغيره، وفيه: «إن أعطاك أفضلَ مما أسلفتَه طيبةً به نفسُه فذلك شكرٌ شكَرَه لك».

ولا ريب أن شكر الأجل الثاني آكدُ من شكر الأجل الأول، ولاسيما في دين البيع، إذ لعل البائع قد زاد في الثمن لأجل النسيئة.

وقد يتخيل التفريق بما يؤدّي سرْدُه وردُّه إلى تعمق وتدقيق لا أرى تحته طائلًا، ولعلنا نتعرض له في بحث القياس إن شاء الله تعالى.

نعم، قد يقال: إن صاحب الاستفتاء وإن اعتراف في عبارته التي تقدمت بأن ربا الجاهلية معروف، فقد أنكره في موضع آخر، وأشار إلى ردّ أثر زيد بن أسلم (٣) ومن معه بأنها ليست مرفوعة، يعني أنها مقاطيع فلا تكون حجة. ويؤخذ من كلامه دفعٌ آخر، وهو اختيار أن الربا مجمل، وإذا كان مجملًا لم يلزم أن يكون ربا الجاهلية داخلًا فيه.

وتفصيل الجواب يطول، فلنقتصر على أن نقول: فليسقط أثر زيد بن أسلم وما في معناه، ولا يضرنا ذلك شيئًا، بل نربح سقوطَ الشبهة الأولى من أصلها. والله أعلم.

* * * *


(١) «السنن الكبرى» (٥/ ٣٥٥). وأخرجه أيضًا أحمد في «مسنده» (١٦٤١٠) والنسائي (٧/ ٣١٤) وابن ماجه (٢٤٢٤)، وإسناده صحيح.
(٢) «الموطأ» (٢/ ٦٨٢).
(٣) الذي في «الموطأ» (٢/ ٦٧٢). وقد سبق ذكره.