للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأيي فما وافق السنة فخذوا به». وكان يأخذ بالرأي عند الضرورة، وجاء عنه من وجوه أنه كان يُسأل عن مسائل فيجيب عن بعضها ويدع سائرها. ولو جاءه رجل فقال: جئتك بمائة مسألة لبادر إلى الأمر بإخراجه، فكيف يقاس إلى من قيل له: «جئتك بمائة ألف مسألة» فقال: «هاتها»! (١).

فأما ما حُكِي عن الليث، فالأفهام في السنة تختلف، يختلف العالمان في فهم الحديث أو في ترجيح أحد الحديثين على الآخر، فيرى كل منهما أن قول صاحبه مخالف للسنة. وقصة سبعين ألف مسألة حكاها الذهبي (٢) بقوله: «وعن السراج .... » ولا ندري كيف سندها إلى السراج (٣). ومع ذلك فقول الأستاذ: «صريح في أنه كان من أهل الرأي» مجازفة. وهذه كتب الظاهرية موجودة فليتصفحها الأستاذ وليحْصِ المسائل التي فيها، ليعلم بطلان ما زعمه من الصراحة. وأوضح من هذا أن الظاهرية وأهل الحديث يجيبون عن كل مسألة حدثت أو تحدث [١/ ٣٨٥] وذلك يزيد عن سبعين ألفًا


(١) راجع «تاريخ بغداد»: (١٣/ ٤١٣).
(٢) «تذكرة الحفاظ»: (٢/ ٧٣٢). وقال في «السير»: (٤/ ٣٩٢): «رُوي عن أبي العباس السرّاج ... ».
(٣) ذكر سندها إلى السّراج الخطيب في «تاريخه»: (١/ ٢٥٠ - ٢٥١) فقال: «أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن أحمد الواسطي، قال: أنبأنا محمد بن جعفر التميمي الكوفي، قال: سمعتُ أبا حامد أحمد بن محمد الفقيه يقول: سمعت أبا العباس السرّاج به».
وفيه شيخ الخطيب أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ترجمته في «تاريخ بغداد»: (٣/ ٩٥ - ٩٩) ذكر عن جماعة أنهم يقدحون فيه ويطعنون عليه فيما يرويه. وذكر له الخطيب أخبارًا تدل على قلة ضبطه وضعف تحريه.