للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: بناء الجملة على ما قبلها ظاهر، ولو قيل: إنها في حكم الأم عند انفرادها عن الأب، رُدَّ ذلك بأن هذا القيد ــ وهو قولكم: "عند انفرادها عن الأب" ــ لا دليلَ عليه، فغاية ما هناك أن يكون قوله: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ [وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ] فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} على إطلاقه، فيعُمُّ الحالين معًا، أعني أن يكون معها أب أو لا يكون، والحكم في ذلك صحيح، فإنها إذا كانت أمٌّ ولا ولد فلها الثلث، سواء أكان الأب موجودًا أم لا. وعلى هذا فلا محذورَ من أن يُفهم هذا، بل قد يقال: إن في فهم ذلك زيادة فائدة صحيحة، وعلى هذا فلا مقتضي للتوكيد. وأما سكوته عن بيان نصيب الأب فلا يدلّ على عدم دخوله في الكلام، إذ قد يترك لأن المعنى: أن الباقي له، أو لأن حكمه يختلف. وعلى فرض الإصرار على دعوى الدلالة فلا محذور فيها كما تقدم.

فالجواب أن أكثر أهل العلم قامت عندهم شبهاتٌ نظرية ألجأتْهم إلى القول بأنّ فرض الأم مع الأب والزوج السدس، ومع الأب والزوجة الربع. ولا ندري لعله لولا قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} لقالوا: فرضُ الأم مع الأب السدسُ أبدًا. ولعلهم لا يُسلِّمون عمومَ قوله لو قيل: "فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث" لحال وجود الأب، بل يخصُّونها بحالِ انفراد الأم، ويُقوُّون ذلك بعدم ذكر ما للأب. ففائدة التأكيد هي دفع تلك الشبهات، وإثبات أن للأم مع الأب عند عدم الولد والإخوة الثلث مطلقًا، أي سواء كان هناك أحد الزوجين أم لا، كما هو مذهب ابن عباس ومَن وافقه.

فإن قيل: الذي حملَ الجمهورَ على ما ذكرتم إنما هو استبعاد أن تفضُلَ الأمُّ الأبَ في مسألة أبوين وزوج، وإنما قالوا في أبوين وزوجة أن للأمّ الربع