للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «إنه ليرى» ليس بظاهر في أنه رآه، ولا أنه لم يره، لكن كأنه أقرب إلى الأول، وهو الواقع. فما كان من الكلام هكذا فليس من الكذب في شيء، كما لا يخفى.

فأما إذا كان المسؤول لم ير فلانًا، فلما سئل أجاب بما ذكر، فإنه إن صح أن ذلك أقرب إلى الإثبات كان فيه رائحة الكذب.

فالحاصل أن الخبر إذا كان أقرب إلى الدلالة على الواقع، أو تعادل الاحتمالان، فهو غير مذموم، بل هو محمودٌ بلا ريب، للتخلص به عن الإيحاش وخشونة الخلق، كما مرَّ. وعلى ذلك ينبغي حمل ما تقدم من الآثار.

[ص ٥٨] وعدَّ جماعة من أهل العلم كلمات إبراهيم [عليه] السلام الثلاث من المعاريض (١)، وهي: أنه لما سئل عن امرأته قال: «هي أختي». ولما عرض عليه قومه الخروج معهم إلى زينتهم نظر نظرة في النجوم، فقال: إني سقيم. ولما سألوه في شأن تحطيم أصنامهم: أنت فعلتَ هذا؟ قال: بل فعله كبيرهم هذا، فاسألوهم إن كانوا ينطقون.

وفي عدِّها من المعاريض نظرٌ من وجهين:

الأول: أن تلك الكلمات ظاهرة في خلاف الواقع، وإن كان الظهور ليس بالواضح.


(١) انظر «أحكام القرآن» لابن العربي (٣/ ١٢٥٣) و «تفسير القرطبي» (١٤/ ٢٢١) ط. التركي، و «فتح الباري» (٦/ ٣٩١).