للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو سُلّم أن في الوصف الذي ذكره مناسبة، فَلَنا أن نمنع كونه تمام العلة، لِمَ لا تكون العلة مجموع الوصفين، أي ما ذكره هو من التنشيط والترغيب وما ذكرناه نحن من الإعلام.

ولو تنازلنا بتسليم أن مجرّد الوصف الذي ذكره علة تامة، فيُعترض بأن المشقة وصف غير منضبط. ولو تسامحنا في هذا، فهي في الفرع أقلُّ مناسبة من الأصل؛ إذ مشقة السفر أشدّ من مشقة ذكر الله تعالى.

ولو تغاضينا عن هذا فيُعارَض بأن التطبيل بأي كيفية كان ظاهرٌ في قصد اللعب، وإباحته في سفر المجاهدين والحجاج لتخفيف المشقة لا يعارضها شيء، بخلافه في حالة الذكر والمساجد، فإنه يعارضه أن فيه انتهاك الحُرْمة.

ففي «صحيح مسلم» (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردّها الله عليك، فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا». هذا مع أن نَشْد المرء لضالته مما ينبغي له؛ لما في تركه من تضييع المال. ونشد الضالة في المسجد له مناسبة لاجتماع الناس فيه، ولاسيَّما وقد يكون للمسجد أبواب، وإذا خرج الناس من المسجد اختلطوا وتكلموا، فوقعت الضوضاء فلا يقوم النّشْد خارج المسجد مُقامه داخله والناسُ مجتمعون هادئون. ومع ذلك فالمنع من ذلك عام، وأين هذا من التطبيل؟ !

وفي «صحيح البخاري» (٢) عن السائب بن يزيد قال: كنتُ قائمًا في


(١) (٥٦٨).
(٢) (٤٧٠).