للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشرحه أذكر شيئًا من حال ابن طاهر. يقول ابن الجوزي في ترجمة ابن طاهر من «المنتظم» (ج ٩ ص ١٧٨): « ... فمن أثنى عليه فلأجل حفظه للحديث، وإلا فالجرح أولى به. ذكره أبو سعد ابن السمعاني وانتصر له بغير حجة بعد أن قال: سألت شيخنا إسماعيل بن أحمد الطلحي عن محمد بن طاهر، فأساء الثناء عليه، وكان سيئ الرأي فيه، وقال: سمعت أبا الفضل محمد بن ناصر يقول: محمد بن طاهر لا يُحتجُّ به، صنَّف كتابًا في جواز النظر إلى المُرْد، وأورد فيه حكاية عن يحيى [١/ ١٣٣] بن معين قال: رأيت جاريةً بمصر مليحةً صلى الله عليها، فقيل له: تصلي عليها؟ فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح! ثم قال: كان يذهب مذهب الإباحة. قال ابن السمعاني: وذكره أبو عبد الله محمد بن الواحد الدقَّاق الحافظ، فأساء الثناء عليه جدًّا، ونسبه إلى أشياء. ثم انتصر له ابن السمعاني فقال: لعله قد تاب. فوا عجبًا ممن سيرته (١) قبيحة فيترك الذمَّ لصاحبها لجواز أن يكون قد تاب! ما أبله هذا المنتصر!

ويدلُّ على صحة ما قاله ابن ناصر من أنه كان يذهب مذهب الإباحة: ما أنبأنا به أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي لنفسه:

دع التصوفَ والزهدَ الذي اشتغلتْ ... به جوارحُ أقوامٍ من الناسِ

وعُجْ على دير داريا فإن به الرْ ... رُهبانَ ما بين قِسِّيس وشَمَّاسِ

فاشرَبْ معتَّقةً من كفِّ كافرةٍ ... تسقيك خمرَين من لحظ ومن كاسِ


(١) وقع في (ط) و «المنتظم»: «سيره»، فلعل الصواب ما أثبت. وفي العبارة خلل ما، فلعلّ في الكلام سقطًا.