للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحال، وخالف القرآن؛ لأنَّ الله تعالى قد نهى نبيَّنا عليه السلام عن ذلك نصًّا، بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المائدة: ٤٨]، وقال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٤٩].

قال أبو محمد رضي الله عنه: فهذا نصُّ كلام الله عزَّ وجلَّ، الذي ما خالفه فهو باطل.

وأمَّا قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} [المائدة: ٤٧] فحَقٌّ على ظاهره؛ لأنَّ الله تعالى أنزل فيه الإيمان بمحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - واتِّباع دينه، ولا يكونون أبدًا حاكمين بما أنزل الله تعالى فيه إلَّا باتِّباعهم دين محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّما أمرهم الله تعالى بالحكم بما أنزل في الإنجيل الذي ينتمون إليه، فهم أهله.

ولم يأمرهم قطُّ تعالى بما يُسَمَّى إنجيلًا، وليس بإنجيل ولا أنزله الله تعالى كما هو قط، والآية موافقة لقولنا، وليس فيها أنَّ الإنجيل لم يبدَّل، لا بنصٍّ ولا بدليلٍ، إنَّما فيه إلزام النَّصارى الذين يَتَسَمّون بأهل الإنجيل أن يحكموا بما أنزل الله فيه، وهم على خلاف ذلك.

وأمَّا قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المائدة: ٦٦] فحقٌّ كما ذكرناه قبلُ، ولا سبيل لهم إلى إقامة التوراة والإنجيل المنزَّلَين بعد تبديلهما إلَّا بالإيمان