ولا ذنبَ لهؤلاء الأئمة إلا أنهم آمنوا بالله ورسوله، وصدَّقوا كتاب الله وسنة رسوله، ولم يلتفتوا إلى ما زعمه غيرُهم أنه لا يوثق بالفطرة والعقل إلا بعد إتقان علم الكلام والفلسفة، وأن النصوص الشرعية من كلام الله تعالى وكلام رسوله لا تصلح حجةً في العقائد؛ لأنها لا تفيد اليقين، كما في "المواقف" وشرحها (١) في أواخر الموقف الأول: "الدلائل النقلية هل تفيد اليقين؟ قيل: لا تفيد، وهو مذهب المعتزلة وجمهور الأشاعرة، .. وقد جزم الإمام الرازي بأنه لا يجوز التمسُّك بالأدلة النقلية".
فلو أنَّ الطاعنَ في أئمة السنة طعن فيهم من جهة العقل ساكتًا عن الدين لكان الخطبُ أيسرَ، إذ يقال: إنه لم يتناقض، بل غاية أمره أنه سكت عن الطعن في القرآن والنبي اكتفاءً بما يلزم منه ذلك. فأما الطاعن فيهم من جهة الدين، فينسبهم إلى الزيغ والبدعة والجهل بعقائد الإسلام، فلا يخفى كذبه على عارف. والله المستعان.