للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: ابن إسحاق متكلَّم فيه، وفي حفظه شيء، كما في «الميزان»، وقد اضطرب في الخبر كما يأتي. فخبره هذا غير صالح للحجة أصلاً، فكيف يعارَض به حديثُ «الموطأ» و «الصحيحين» وغيرهما المتواتر عن نافع عن ابن عمر؟

ومع هذا فالظاهر أن هذا لفظ ابن أبي داود، كما يشير إلى ذلك تقديم الطحاوي له. فأما الدمشقيُّ، فقال الحاكم في «المستدرك» (ج ٤ ص ٣٧٨): «حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب (الأصم)، ثنا أبو زرعة الدمشقي، ثنا أحمد بن خالد الوهبي، ثنا محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان ثمن المجنِّ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقوَّم عشرةَ دراهم».

وهذا هو الصواب من حديث الوهبي، كذلك أخرجه الدارقطني في «السنن» (ص ٣٦٩) (١): «نا محمد بن إسماعيل الفارسي، نا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، نا أحمد بن خالد الوهبي». وكذلك أخرجه البيهقي في «السنن» (ج ٨ ص ٢٥٧): «ثنا أبو طاهر الفقيه، أنبأ أبو بكر القطان، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا أحمد بن خالد الوهبي ... » كلاهما بلفظ الأصم عن الدمشقي، إلا أن ابن نجدة قدَّم كلمة «يقوَّم»، ذكرها بعد كلمة «المجن».

فإن قيل: فالمعنى واحد.

قلت: كلّا، لفظ الطحاوي يجعل العشرة قيمة «المجنّ الذي قطَع فيه


(١) (٣/ ١٩٢).