النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ». والمحفوظ ــ وهو لفظ الدمشقي وابن نجدة [٢/ ٩٧] والسلمي ــ يجعلها قيمة المجنّ مطلقًا، كما تقول: كانت الغنم رخيصة في عهد فلان، كان ثمن الشاة يقوَّم درهمين.
فإن قيل: وكيف يستقيم ذلك والمجانُّ تختلف جودةً ورداءةً، وجِدَّةً وبِلًى، وسلامةً وعيبًا، وتَرخُص في وقت وتغلو في آخر؟
قلت: كأَنَّ قائل ذلك بلغه أن أقلَّ ما قطَع فيه النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مجنٌّ، ورأى أنه لا ينبغي القطعُ في أقل من ذلك، وأعوزه أن يعرف ذاك المجنَّ، أو يعرف قيمتَه على التعيين، أو يجد دليلًا يُغنيه عن ذلك؛ ففزع إلى اعتبار جنسه، ليحمله على أقصى المحتملات احتياطًا، أو على أولاها في نظره، فرأى أن العشرة أقصى القِيَم، أو أوسطها، أو غالبها، أو أقصى الغالب، أو أوسطه.
فإن قيل: فهلَّا تَحملُ كلمةَ «المجن» في لفظ الجماعة على ذلك المجنِّ المعهود الذي قطع فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ، فتوافق لفظَ الطحاوي؟
قلت: يمنع من ذلك أمور:
الأول: أن الظاهر إرادة الجنس.
الثاني: قوله «كان ... يقوَّم». وهذا يقتضي تكرار التقويم، ولا يكون ذلك في ذاك المجنِّ المعيَّن.
الثالث: أنه لا داعي إلى حمل المحفوظ على الشاذِّ بما يخالف الحديث الثابت المحقَّق، وهو حديث ابن عمر.
فإن قيل: قد يكون ابن عمر قوَّم [ذلك المجن المعين] باجتهاده، فقال: