للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثلاثة، وقوَّمه غيرُه باجتهاده، فقال: ] (١) عشرة.

قلت: هذا باطل من أوجه:

الأول: أن الواجب في التقويم أنه إذا رُفعت إلى الحاكم سرقةٌ، وكان (٢) المسروق مما لا يُعلم لأول وهلة أنه بالقدر الذي يُقطَع فيه أو لا: أن يبدأ الحاكمُ، فيأمر العدولَ العارفين بتقويم المسروق. وابنُ عمر في دينه وتقواه وورعه، وعلمِه بأنه سيُبنَى على خبره قطعُ أيدٍ كثيرةٍ، لا يُظَنُّ به أن يَجزم إلا مستندًا إلى ما جرى به التقويمُ بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - .

الثاني: أن أثبت الروايات وأكثرها عن ابن عمر بلفظ: «ثمنه»، كما تراه في «صحيح البخاري» مع «فتح الباري» (٣). وأصل الفرق بين الثمن والقيمة: أن الثمن هو ما يقع عوضًا عن السلعة، والقيمة ما تقوَّم به السلعة. فمن اشترى سلعة بثلاثة دراهم، وكانت تساوي أكثر أو أقل، فالثلاثة ثمنها، والذي تساويه هو قيمتها. فإذا أتلف رجلٌ سلعة الآخر فقُوِّمت بثلاثة دراهم، [٢/ ٩٨] فقضى بها الحاكم، فقد لزمت الثلاثةُ عوضًا عن السلعة، فصحَّ أن تسمى ثمنًا لها. فهكذا السلعة المسروقة لا يحسن أن يقال: «ثمنها ثلاثة دراهم» إلا إذا كانت قُوِّمت بأمر الحاكم بثلاثة دراهم، فقضى بحسب ذلك. وكأن هذا هو السرُّ في اعتناء البخاري باختلاف الرواة في قول بعضهم: «ثمنه»، وبعضهم: «قيمته»، مع أن قول بعضهم: «قيمته» لا يخالف ما تقدَّم؛ لأن ما وقع به التقويم فالقضاء يصح أن يسمى «قيمةً»، لكن مالم يُعلَم أنه


(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ط)، استدركناه من المخطوط، وبه يستقيم السياق.
(٢) (ط): «فكان». والتصويب من المخطوط.
(٣) (١٢/ ٩٧، ١٠٥).