للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقع به التقويم فالقضاء، فإنه لا يصح أن يسمَّى ثمنًا. فتدبَّرْ.

الثالث: أن ابن عمر لو بنى على حَدْسه لكان الغالب أن يتردَّد.

الرابع: أن الاختلاف في تقويم السلعة بين عارفيها وعارفي قِيَم جنسها في المكان والزمان الواحد لا يكون بهذا القدر، يقول هذا: ثلاثة، ويقول الآخر: عشرة. قال ابن حجر في «الفتح» (١): «محال في العادة أن يتفاوت هذا التفاوت الفاحش ... وإنما يتفاوت بزيادة قليلة أو نقص قليل لايبلغ المثل غالبًا». ومع هذا فقد جاء في بعض الروايات عن ابن عمر ــ كما في «سنن أبي داود» والنسائي (٢) ــ «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطَع يد سارقٍ سرَق تُرْسًا من صُفَّةِ النساء ثمنه ثلاثة دراهم». وهذا يدل على إتقان ابن عمر للواقعة ومعرفته بها، فهو المقدَّم على غيره.

هذا كلُّه على فرض صحة خبر ابن إسحاق، وقد علمتَ أنه لا يصح، وسيأتي تمام ذلك. والصواب ــ مع صرف النظر عن الصحة ــ أن القائل: «عشرة دراهم» إنما نظر إلى الجنس، على ما تقدَّم بيانه.

فإن قيل: فقد قال أبو داود في «السنن» (٣): «حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني ــ وهذا لفظه، وهو أتم ــ قالا: ثنا ابن نمير، عن محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد رجلٍ في مجنٍّ قيمته دينار أو عشرة دراهم».


(١) (١٢/ ١٠٢).
(٢) أبو داود (٤٣٨٦) والنسائي (٨/ ٧٧).
(٣) رقم (٤٣٨٧).