للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى له السدس لذلك، والله أعلم.

{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} أي معًا كما هو ظاهر، ويحتمل أوجهًا:

١ ــ أنه قيدٌ لِيُفَهم منه أنه إذا انفردت الأم لم يكن لها الثلث، وفي هذا متمسَّك للجيراجي القائل (١): إنها إذا انفردت كان لها حكم آخر.

٢ ــ ليس قيدًا، بل جيء به لدفع ما يُتوهَّم من أن الأمّ لا تحوز الثلث حتمًا إلا إذا انفردت، فأما إذا كانت مع الأب فإنها لا تحوز إلّا مثل نصف ما يحوز هو، سواء أكان ذلك هو الثلث فيما إذا انفردا، أو السدس فيما إذا كان معهما زوج، أو الربع فيما إذا كان معهما زوجة. وهذا متمسَّكٌ لمن يخالف مذهب عمر في العمريتين.

٣ ــ أنه قد يدعى أن فيه معنى الحصْر، أي وورثه أبواه فقط، فيُفهَم منه أنه إذا ورث معهما غيرهما، وذلك الغير لا يكون إلا أحد الزوجين، فلذلك حكم آخر. وفي هذا متمسَّك لمن يذهب مذهب عمر رضي الله عنه في العمريتين.

والثالث ضعيف؛ لأن فيه دعوى الحصْر، وليس هنا ما يفيده. والثاني أرجح من الأول، لما تقرر في الأصول أن مفهوم المخالفة لا يُعتدُّ به إلّا حيث لم يظهر للقيد فائدة غير نفي حكم غيره، وقد ظهرت هنا فائدة جليلة، وهي ما بيَّناها في الوجه الثالث، وفائدة أخرى، وهي الدلالة على أن الجملة ــ أعني قوله: "فإن لم يكن له ولد ... " ــ مستقلة لا مبنيَّة على التي قبلها؛ إذ لو كانت مبنيَّة لكان المعنى: فإن لم يكن للمورث الذي له أبوان ولدٌ وورثه


(١) في "الوراثة في الإسلام" (ص ٤١).