أكابر المهاجرين من قريش ــ على الاعتداد بالاثنين دليلٌ على إرادة لغة الأنصار وغيرهم.
وزعم الجيراجي (١) أن المراد بـ"إخوة" الجنس، فيدخل الأخ الواحد والأخت الواحدة، واستدل بقوله تعالى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً ... }، قال:"وهذا يتناول الأخ الواحد والأخت الواحدة بإجماع الفقهاء، مع أن الإخوة والرجال والنساء كلها جمع".
أقول: إجماعُهم على تفسير كلمةٍ بمعنىً في موضع لا يلزم منه كونها كذلك في جميع المواضع، ولاسيَّما إذا كان ذلك التفسير مخالفًا للأصل كما هنا، ثم إن الذين أجمعوا هنا هم الذين أجمعوا هناك، فكيف تحتجُّ بإجماعهم تارةً وتردُّه أخرى؟ الله المستعان.
فإن قلت: لم أُرد الاحتجاج، وإنما أردتُ الإلزام.
قلت: لا إلزام، فإنهم بحمد الله تعالى لم يُجمعوا على ما ذكرتَ في قوله تعالى:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً}، وإنما أجمعوا على أن حكم الأخ الواحد مع الأخت الواحدة للذكر مثل حظِّ الأنثيين، وحجتهم في ذلك القياسُ، لا تفسيرهم الجمع بالجنس. والله أعلم.
وحَجْبُ الإخوةِ الأمَّ مُفهِمٌ أنهم يرثون، إذ لا يحجبُ الوارثَ إلا وارث، مع أنهم حجبوا وارثًا قويًّا، وحجبُهم إياها نصٌّ صريح في أنهم يرثون معها؛ إذ لا يُعقل كونهم يحجبونها وهي تحجبهم، ولا نظير لذلك في المواريث، وإذا حجبوها مع ضعفهم بوجود الأب، فمع قوتهم بعدمه أولى وأحرى كما تقدم.