للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كتابه، وهو بمصر بعيدًا عن الحنفية فقال: «رواه عن عاصم»، وترك تسمية الراوي عن عاصم وهو أبو حنيفة، وقال في حكاية قول الجماعة: «والذي روى هذا»، ولم يقل: «وأبو حنيفة».

وقد حاول التركماني استغلال هذا الأدب، فقال في «الجوهر النقي» (١): «أبو رزين صحابي (*). وعاصم وإن تكلم فيه بعضهم، قال الدارقطني: في حفظه شيء، وقال ابن سعد: ثقة، إلا أنه كثير الخطأ في حديثه. فإن ضعَّفوا هذا الأمر لأجله، فالأمر فيه قريب [١/ ٤٢٥]، فقد وثقه جماعة ... وإن ضُعِّف لأجل أبي حنيفة، فهو وإن تكلم فيه بعضهم فقد وثَّقه كثيرون وأخرج له ابن حبان في «صحيحه» ... ». أطنب في مدح أبي حنيفة إلى أن قال: «وذكر أبو عمر في «التمهيد» أن أبا حنيفة والثوري رويا هذا الأثر عن عاصم، وكذا أخرجه الدارقطني بسند جيد عنهما عن عاصم، وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» عنه، فقد تابع الثوري أبا حنيفة .. ».

كذا قال، وسعى جهده في قلب الحقائق. فذكر أولًا احتمال أن يكونوا أرادوا عاصمًا، ومهَّد لذلك بأن ذكر غمز الدارقطني وابن سعد له. ولما ذكر أبا حنيفة لم يذكر شيئًا من كلامهم فيه، وإنما اكتفى بخطفةٍ مجملة ثم راح يطنب في إطرائه. وذكر إخراج ابن حبان في «صحيحه» ونسي كلام ابن حبان في أبي حنيفة في «كتاب الضعفاء» كما يأتي في ترجمة ابن حبان (٢)، وغرضه أن يوقع في نفس القارئ ترجيحَ أنهم أرادوا عاصمًا، وهو يعلم حقَّ


(١) (٨/ ٢٠٣ - بهامش «السنن الكبرى» للبيهقي).
(٢) رقم (٢٠٠).