للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تذهب إليها، وتجد مخالفيهم قد احتجوا بحديث، وأجاب بعض الأشاعرة بالطعن في بعض رواته، كحماد بن سلمة.

فحقُّك إن أردتَ الله والدار الآخرة أن تقوم للحق على نفسك، فتتدبر حجة الأشاعرة، فإذا وجدتها ليست بالقاطعة فرضتَ مسألة أخرى قد ذهب إليها الأشاعرة وخالفهم غيرهم، وليست حجة الأشاعرة بالقاطعة، ولكنهم احتجوا بحديث، فنظرتَ في رواية ذلك الحديث، فإذا هو من رواية ذلك الرجل أو مثله. ثم وازِنْ بين حالَيْك: حالك وأنت تنظر في حال ذلك الرجل بسبب روايته الحديث المخالف للأشاعرة، وحالك وأنت تنظر في حاله أو في حال نظيره بسبب روايته للحديث الموافق للأشاعرة.

فإذا وجدت نفسك تميل إلى توهينه في الأولى وتثبيته في الثانية، فاعلم أن لهوى نفسِك تأثيرًا شديدًا عليك، فاعرِفْه وجاهِدْ نفسك، فإن لم تستطع فعلى الأقل ينبغي أن تكُفَّ نفسك عن الكلام في مثل ذلك، وتَعذِرَ مخالفك عالمًا أنه أحد رجلين:

إما رجل بريء من الهوى، يتبيَّنُ الحقَّ من حيث يصدُّك هواك عن تبيُّنِه.

وإما رجل له هوى مخالفٌ لهواك، فحاله مثل حالك، فكما تجنَحُ إلى عذرِ نفسك ورجاءِ أن يُغفَر لك، وتقبيح شناعة من شنَّع عليك؛ فكذلك ينبغي أن ترى لمخالفك، فترجو له العذر والمغفرة، ولا ترضى بتشنيع عليه.

وفي الحديث: " [لا يؤمن أحدكم] حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه" (١).


(١) أخرجه البخاري (١٣) ومسلم (٤٥) من حديث أنس بن مالك. وما بين المعكوفتين منهما.