للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنّه قال: "لا تقتلوا أولادكم سرًّا فإن الغَيْل (١) يُدْرك

الفارس فيُدَعْثِرُه (٢) عن فرسه" (٣).

قال الطحاوي (٤): إنّ هذا الحديث الثاني يُظهِر أنّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قاله أولًا لمّا كان يظنّ أنّ الغَيْلَ يضرُّ، ثم لمّا تبيَّن له أنَّه لا يضرُّ قال: لقد هَمَمْتُ ... إلخ.

والظَّاهر خلاف هذا؛ لوجوه:

الأوّل: أنّ أقواله - صلى الله عليه وآله وسلم - التي يبنيها على الظنّ بيَّن أنّه إنّما قالها بناءً على الظنّ، والحديث الثاني جزم.

الثاني: أنّ قوله: "إنَّ الغَيْلَ يُدْرِكُ الفارسَ فيُدَعْثِرُهُ" ممّا لا يظهر بناؤُه على الظَّن.

الثالث: أنّ قوله في الحديث الأول: "لقد هَمَمْتُ ... " ظاهرٌ في أنَّه لم يكن قد نهى، فالظاهر أنّه أراد أن ينهى أولًا بناءً على ما كان مشهورًا بين العرب


(١) الغَيل ــ بالفتح ــ هو: أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، كما في "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٤٠٢).
(٢) أي: يصرعه ويهلكه، كما في "النهاية" لابن الأثير (٢/ ١١٨).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٨٨١) وابن ماجه (٢٠١٢) وأحمد (٦/ ٤٥٣، ٤٥٨) وابن حبان (٥٩٨٤) وغيرهم، من طريق المهاجر بن أبي مسلم الأنصاري عن أسماء بنت يزيد ابن سَكَن الأنصارية رضي الله عنها به.
وقد حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (٧/ ٤٩٨).
وضعَّفه الألباني في "غاية المرام" (٢٤٢) لجهالة المهاجر بن أبي مسلم.
(٤) "شرح مشكل الآثار" (٩/ ٢٩١)، و"شرح معاني الآثار" (٣/ ٤٧).