للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ... حافظ فَهِم، ولكنه كان يُتَّهم بشرب الخمر. كنت كلما لقيته بدأني بالسلام، فلقيته في بعض الأيام، فلم يسلِّم عليَّ، ولقيته شبه المتغير، فلما جاز عني لحقني بعض أصحابنا وقال لي: لقيتَ أبا بكر الخطيب سكران؟ فقلت له: قد لقيتُه متغيرًا، واستنكرتُ حاله، ولم أعلم أنه سكران. ولعله قد تاب إن شاء الله تعالى». قال ابن السمعاني: «ولم يذكر عن (١) الخطيب رحمه الله هذا إلا النخشبي، مع أني لحقتُ جماعة كثيرة من أصحابه».

أقول: النخشبي لم يكن من أهل بغداد، وإنما دخلها في رحلته. وابن السمعاني نَخَل (٢) بغداد [١/ ١٣١] نَخْلًا، وجمع تاريخًا لها، ولقي جماعةً لا يُحصَون من موافقي الخطيب ومخالفيه وأصدقائه وأعدائه من المتثبتين والمجازفين. ومعروف في العادة أنه لا يشرب المسكِر فيتغير، ثم يخرج يجول في الشوارع إلا من صار شربُ المسكر عادةً له، لا يبالي أن يطلع عليها الناس، وإذا صار عادة استمرَّ زمانًا. فلو كانت هذه حال الخطيب لَما خفيت على جميع أهل بغداد، وفيهم من أعداء الخطيب جماعة يراقبون حركاته وسكناته، ويطيِّنون عليه باب داره بالليل، ويتعطَّشون إلى أن يظفروا له بعثرة ليذيعوها، فيشتفوا بدلًا مما يسيئون به إلى أنفسهم وإلى مَن ينتسبون إليه أكثر من إساءتهم إلى الخطيب.

وفي ذلك مع ظاهر سياق عبارة النخشبي أنه إنما أخذ التهمة من


(١) (ط): «من» ولعله كذلك في طبعة المؤلف، والتصحيح من الطبعة الجديدة.
(٢) (ط): «دخل» تحريف والسياق يقتضي ما أثبت.