للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخطئ في حديث قطُّ، أو لم يخطئ إلا في حديث واحد، كما قالوه في إسماعيل بن إبراهيم المشهور بابن عُلَية.

وبالجملة، فمن أمعن النظر في كلام المحدثين في دقائق الرواية وأحوال الرجال عرف أنه قد يحصل للجِهْبِذ المتبحّر منهم العلمُ في بعض الأحاديث التي تُروى من طرق صحيحة عن صحابيين أو ثلاثة.

ومما يتأيد به الحديث أن يكون له شواهد توافقه، ولو في جنس المعنى، وأن يكون موافقًا لظاهر القرآن، أو مخالفًا له وظهر الحديث في زمن الصحابة وعمل به بعضهم؛ فإنه لو لم يكن ثابتًا عندهم ما تركوا له ظاهر القرآن، ولكانوا أنكروه.

ومما يتأيد به أيضًا أن تطمئنَّ إلى لفظه نفسُ الممارس للحديث؛ فإنه لطول ممارسته للكلام النبوي صار عنده تمييزٌ ما بين ما هو منه وما ليس منه. ونحو ذلك أن تطمئن إليه نفس المتبحّر في معرفة الشمائل النبوية والحِكَم الشرعية.

وهذا، وقد ضعفت في الأزمنة الأخيرة العنايةُ بالرواية، ولكن بقي بأيدينا حكم الجهابذة المتبحّرين، إذا وجدنا أحدهم صحَّح حديثًا أو احتج به، ويتأكد ذلك بموافقة آخر منهم عليه.

فإذا وجدنا في حديث أن مالكًا والثوري وأحمد والشافعي احتجوا به، وأن البخاري ومسلمًا صححاه؛ كان متمكنًا في القوة، فإذا ثبت أن بعض الصحابة عمل به، وعمل به جماعة من التابعين ازداد قوة.