للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المسألة حلَّت له، ولا نعلم أحدًا تكلَّف العملَ بهذا. وليس هذا من ردِّ السنة بعدم العمل بموافق لها، أو عامل بها، وإنما المقصود أنَّ مثل هذا قد يُسْتنكر فيصير الحديث منكرًا، فيقدح في راويه ــ أعني كنانة بن نعيم ــ مع قِلَّة ما له من الحديث، ومع أنّه في حديثه هذا شيء من الاختلاف:

فرواه حماد بن زيد، عن هارون بن رئاب، عن كنانة، كما مرَّ.

ورواه ابنُ عيينة عن هارون فقال في أوله: "إن المسألة لا تصلح" وقال مرة: "حرمت" أخرجه أحمد في "المسند" (٣/ ٤٧٥) (١).

ورواه إسماعيل بن عُلَيّة، عن أيوب، عن هارون فلم يذكر محلَّ الشاهد أصلًا، بل قال: "إنّ المسألةَ لا تحلّ إلا لثلاثة ... ورجلٌ أصابته فاقة فيسأل حتى يصيب قَوامًا من عيش" أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٦٠) (٢).

[ص ٤٧] الأمر الرابع: أنَّ مقتضى حَمْل الشاهد والمخبر على المحتاج أن لا يحلَّ أن يشهد أحدٌ أو يخبر حتى يعدِّله ثلاثة، وهذا لا قائل به، ولا يعلم واحد ــ فضلًا عن ثلاثة ــ عدَّل كنانةَ قبل أن يخبر.

الأمر الخامس: أنّ الأولوَّية التي ادّعاها أبو عبيد غير ظاهرة، بل الصواب عكس ما قال، وبيان ذلك: أن الحكمة في تحريم المسألة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحِجا من قوم مَن يريد المسألة هي:

أولًا: منع أهل الستر عن المسألة بدون حاجة؛ لأن أحدَهم يرى أنه لو


(١) رقم (١٥٩١٦).
(٢) رقم (٢٠٦٠١). لكن رواه اثنان عن ابن عُليّة بالشاهد عند الطبراني في "الكبير" (١٥٣٣٧) قال: واللفظ لحديث ابن عُليّة.