للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عبيد: "وإذا كان هذا في حقِّ الحاجة فغيرها أولى". "فتح المغيث" (ص ١٢٣) (١).

أقول: وممّا يساعده أنَّ العدالة تتعلق بما يخفى من حال الإنسان كالحاجة، ولكن يَرِد عليه أمور:

منها: أنّ هذا الحديث تفرّد به عن قبيصةَ كنانةُ بن نعيم، ولم يعدِّله ثلاثة تعديلاً سالمًا (٢) وإنما قال ابن سعد (٣): "وكان معروفًا ثقة إن شاء الله" فلم يجزم. ووثَّقه العجلي، وسيأتي في بحث المجهول أنَّ في توثيقه نظرًا، وأن مذهبه قريب من مذهب ابن حبان. ووثَّقه ابنُ حبان، ومذهبه معروف في التسامح، ويأتي بيانه أيضًا (٤). فإذا عدَدْنا إخراج مسلم لحديثه توثيقًا، فلم يسلم له إلا مسلم.

[ص ٤٦] الأمر الثاني: أنّ هؤلاء كلّهم لم يدركوا كنانة، وإنما وثَّقوه بناء على مذاهبهم: أن من روى عنه الثقات، ولم يُجْرَح، ولم يأت بمنكر، فهو ثقة، وسيأتي الكلامُ في هذا إن شاء الله تعالى.

الأمر الثالث: ظاهر الحديث أنه لا يحلّ للمحتاج المسألة حتى يقوم ثلاثةٌ من ذوي الحِجا من قومه فيخبروا أنه نزلت به فاقة، ولا يُعْرَف أحدٌ قال بهذا، بل مدار الحلِّ عند أهل العلم على نفس الحاجة، فإن احتاجَ في نفسه


(١) (٢/ ٨ ــ ٩).
(٢) "تعديلًا سالمًا" كتبت فوق السطر بخط غير واضح فلعلها ما أثبت.
(٣) "الطبقات": (٩/ ٢٢٦).
(٤) لم يتسنَّ للمؤلف كتابة هذا المبحث هنا، وقد تكلم عن توثيق العجلي وابن حبان في "التنكيل": (١/ ١١٣ - ١١٤، ورقم ٢٠٠).