للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم، وإنَّما يمدُّهم الله بالمعجزات بقدرته عندما يشاء ذلك.

نعم، من المعجزات ما تقتضي الحكمة أن يكون للنَّبي أثر فيه، كضرب موسى عليه السَّلام البحر والحجر بالعصا (١)، وكَرَمْي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - الكفَّار بالحصى (٢)، وغير ذلك. ولذلك حكمةٌ، قد ذكرتُ بعضها في موضع آخر، ولعلَّه يأتي في الكلام عن المعجزة إن شاء الله تعالى.

وهذا لا يخالف ما تقدَّم؛ فإنَّ الضَّرب الواقع من موسى عليه السَّلام هو ضربٌ عاديٌّ، بقوَّته العاديَّة، وأمَّا الأثر المعجز فهو حاصل بمَحْض قدرة الله عزَّ وجلَّ.

وأمَّا ما في الحديث من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - للمصلِّين: «إنِّي أراكم من خلفي» (٣) فالظَّاهر أنَّ هذه قوَّةٌ كان يجعلها له البارئ سبحانه عزَّ وجلَّ في الصَّلاة


(١) أمَّا ضرب موسى عليه السلام الحجر ففي قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: ٦٠]، وأمَّا ضربه عليه السلام البحر ففي قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: ٦٣].
(٢) وقع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - مرَّات، منها: ما رواه مسلم (١٧٧٧) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وفيه: « .. ثم قبض قبضةً من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: شاهَت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانًا إلَّا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولّوا مُدْبِرين، فهَزَمَهم الله عزَّ وجلَّ». وفي الباب أيضًا حديث العبَّاس عند مسلمٍ أيضًا (١٧٧٥).
وتُنظَر بقية المواضع ورواياتها في: «الدُّر المنثور» للسيوطي (٧/ ٧٢ - ٧٤).
(٣) أخرجه البخاري (٧١٨)، ومسلم (٤٢٦)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه، بنحوه.