للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُكْرَه من كثرة السؤال، ومن تكلُّفِ ما لا يعنيه وقوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، وذكر معه حديث: "إنَّ أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يُحرَّم فحُرِّم من أجْلِ مسألته" (١).

والزيادة الثانية تُفْهِم أن سبب احتباس النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم هو إرادة صَرْفِهم إلى الصلاة في بيوتهم؛ لأنها أفضل.

ولو خلا الحديث عن هاتين الزيادتين لكان ظاهره أن الصنيع الذي خشي أن يترتَّبَ عليه الفرض هو مثابرة القوم على الحضور، وأن سبب احتباس النبي - صلى الله عليه وسلم - هو إرادة قطع المثابرة قبل أن يترتّب عليها الفرض.

والظاهر أن خلوَّ حديث عائشة عن هاتين الزيادتين سببه أنها كانت في بيتها إذْ كان زيدٌ في المسجد شريكًا في القصة، وأن ذلك أدّى إلى هذا الفهم على ما فيه، ففي "الصحيحين" (٢) من طريق مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، قالت: "إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيدَعُ العملَ وهو يُحِبُّ أن يعملَ به، خشيةَ أن يعملَ به الناس فيُفْرَضَ عليهم".

لا أرى مأخذ هذا المعنى إلّا ما فُهِم من تلك القصة، بسبب خلوِّها عن تَيْنِكَ الزيادتين.

قد يقال: إنّ هذا وإن استقام بالنظر إلى بعض روايات حديث عائشة، فلا يستقيم بالنظر إلى بعضها.


(١) البخاري (٧٢٨٩) من حديث سعد بن أبي وقاص.
(٢) البخاري (١١٢٨) ومسلم (٧١٨).