وأمَّا ما رُوِي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إن خير التابعين رجلٌ يُقال له: أُوَيْسٌ، وله والدةٌ، وبه بياضٌ، فمروه فليستغفرْ لكم»(١).
فهذا أمرٌ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُوَيْسٍ مصداقُه من كتاب الله عزَّ وجلَّ قوله سبحانه:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}[الحشر: ١٠]، فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يبلِّغوا أُوَيْسًا هذا [٥١٠] الحكم.
ومما يَشُدُّ هذا قوله:«فمروه فليستغفر لكم»، ولم يقل:(فاسألوه)، أو نحو ذلك، وكأنه إنما خصَّ أُوَيْسًا تنبيهًا على مزيد فضله؛ لأن الناس كانوا يسخرون منه ويحتقرونه، والله أعلم.
وأما سؤال الصحابة من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر لهم ففيه حظٌّ من القسم الأوَّل؛ لأن الله تعالى قد أمر رسوله بذلك، قال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[محمد: ١٩] , وقال تعالى:{فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ}[النور: ٦٢]،
(١) صحيح مسلمٍ، كتاب فضائل الصحابة، بابٌ من فضائل أُوَيسٍ القرنيّ، ٧/ ١٨٩، ح ٢٥٤٢ (٢٢٤). [المؤلف]