للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، وثبت أن دعاءهم آلهتهم هو السؤال منها والرغبة إليها، وأنَّ ذلك عبادةٌ لها وشركٌ بالله عزَّ وجلَّ، ولكن ما هو السؤال الذي إذا وقع لغير الله تعالى كان دعاءً وعبادةً للمسؤول وشركًا بالله تعالى؟

فالجواب: أَمَرَ الله عزَّ وجلَّ عبادَهُ أن يدعوه في صلاتِهم قائلين: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ولا نزاع أن المعنى: نعبدك وحدك لا نعبد غيرك، ونستعينك وحدك لا نستعين غيرك، والاستعانة هنا عامَّة.

وروى الإمام أحمد والترمذيُّ وغيرهما عن ابن عبَّاسٍ أنه ركب خلف رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «يا غلام، إني معلِّمك كلماتٍ، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمَّة لو اجتمعوا على أن ينفعوك [٥٠٧] لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرَّوك بشيءٍ لم يضروك إلَّا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفِعَتِ الأقلام وجفَّت الصحف» (١).

وصحَّ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بايع جماعةً من أصحابه على ألَّا يسألوا الناس شيئًا، فكان سوط أحدهم يسقط وهو على بعيره فينزل فيأخذه، لا يقول لأحدٍ: ناوِلْنيه (٢).


(١) المسند ١/ ٢٩٣، جامع الترمذيِّ، كتاب صفة القيامة، باب ٥٩، ٢/ ٨٤، ح ٢٥١٦، وقال: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ».
(٢) انظر: صحيح مسلمٍ، كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس، ٣/ ٩٧، ح ١٠٤٣. [المؤلف]