قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} أي يقاربون الوفاة، {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} فلْيُوصُوا، أو فعليهم {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} بمالٍ يتمتعن به {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} الواجب عليهن تربُّصُه. وهذا قبل نزول قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}(١).
قال الله عزَّ وجلَّ:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ ... } الآيات.
قد بينّا في المقدمة عادة أهل الجاهلية في عدم توريث النساء والصبيان، وأن آية الوصية لم تعرض لتعديل تلك العادة في غير الأم.
وفي هذه الآية إبطال تلك العادة، ولهذا ــ والله أعلم ــ اقتصر هنا على إثبات النصيب للرجال والنساء من الوالدين والأقربين، ولم يذكر النصيب من الولد؛ لأنه كان قد تقرر في الجملة بآية الوصية، فافهمْ.
وعبَّر بالرجال مع ذكر ما يدلُّ على شموله للصبيان كما يأتي إن شاء الله تعالى، مع أنهم كانوا يثبتون ميراث الرجال أعني البالغين، وذلك لئلا يُتوهَّم نفيُ استحقاقهم.
{لِلرِّجَالِ} أي جنسهم الشامل للصبيان، دلَّ على ذلك أمور، أحدها: إثبات النصيب للنساء، وهو يقتضي ثبوتَ النصيب للصبيان من باب أولى؛ لأنهم كانوا يعلِّلون حرمان الصبيان والنساء بعدم الإطاقة للقتال والنصرة، وهذا مستمر في النساء، فأما الصبيان فإنهم وإن لم يطيقوه حالَ الصغر
(١) بعده بياض كبير في باقي الصفحة، وكأن المؤلف كان يريد مزيد تفسيرٍ للآية فلم يجد وقتًا لإكماله.