[ص ٣٣] وكانوا مع ذلك خائفين كما قال الله عز وجل فيهم: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ}[المنافقون: ٤].
وكانوا مع ذلك إلى نقص بالهلاك أو التوبة والإخلاص، والغالب على الظن أنّ من بقي منهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتعرَّض أحدٌ منهم لأن يذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا لخوفهم من المؤمنين، وعلمهم أنَّ أحدَهم لو أخبر بشيء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكَذَب فيه لأنكره عليه المؤمنون وفضحوه بما كانوا يظنونه من نفاقه، أو لأعْلَمهم بنفاقه حذيفةُ أو غيرُه ممن كان قد أسرَّ إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأسماء المنافقين.
وأمّا الأعراب فقد قال الله عز وجل:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الحجرات: ١٤].
والظاهر أنَّ أهلَ هذه الآية آمنوا بعد ذلك أو غالبهم، كما تقتضيه كلمة "لمّا".
وقد ذكر الله عز وجل فِرقَهَم في سورة التوبة [٩٥ ــ ١٠٥] فذكر أنّ منهم منافقين، ومنهم مؤمنون مخلصون، ومنهم مخلّطون يرجى لهم الخير، وقال في آخر ذلك:{وَقُلِ اعْمَلُوا [ص ٣٤] فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة: ١٠٥].
ثم ابتلاهم الله عز وجل بعد غزوة العُسْرة بوفاة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فارتدَّ أقوامٌ من الأعراب، فعرفهم المؤمنون حقّ المعرفة.