للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنت طلحة عن عائشة بكذا، وحدَّثك القاسمُ بن محمد عن عائشة بكذا، وحدَّثك سعيد بن جبير عن ابن عباس بكذا؛ ويذكر أحاديث قد علِمَ أن موسى لم يسمعها ممَّن ذكر، فأجابه موسى بالإثبات. وكان أبو شيخ مغفَّلًا، فكتبها. فلما فرغ حفص مدَّ يده إلى ما كتبه أبو شيخ، فمحاه وبيَّن له الواقع. راجع ترجمة موسى وجارية في «لسان الميزان» (١).

وما وقع من سُنَيد ليس بتلقين الكذب، وإنما غايته أن يكون تلقينًا لتدليس التسوية. وتدليس التسوية: أن يترك الراوي واسطة بعد شيخه، كما يُحكى عن الوليد بن مسلم أنه كان عنده أحاديث سمعها من الأوزاعي عن رجل عن الزهري، وأحاديث سمعها من الأوزاعي عن رجل عن نافع، فكان يقول فيها: حدثني الأوزاعي عن الزهري، وحدثني الأوزاعي عن نافع! وهذا تدليس قبيح، لكنه في قصة سُنَيد وحجَّاج لا محذور فيه، لاشتهار ابن جريج بالتدليس، كما مرّ.

[١/ ٢٢٩] وبذلك يتبيَّن أن حجَّاجًا لم يتلقَّن غفلةً ولا خيانةً، وإنما أجاب سُنيدًا إلى ما التمسه، لعلمه أنه لا محذور فيه. وكره أحمد ذلك لما تقدم.

ومن ثناء الأئمة على الحجاج: قال الإمام أحمد: «ما كان أضبطَه وأشدَّ تعاهُدَه للحروف». وقال المعلَّى الرازي: «قد رأيت أصحاب ابن جريج، ما رأيت فيهم أثبت من حجَّاج». وقال علي ابن المديني والنسائي: «ثقة». وكذا وثَّقه مسلم والعجلي وابن قانع ومسلمة بن قاسم وغيرهم، واحتج به الجماعة.


(١) (٨/ ١٩٦ - ١٩٨) و (٢/ ٤١٣ - ٤١٥).