هيئة جنائز العلماء، فيتسابق أهل العلم والفضل إلى حملها، ومعها أبناء القاضي بهيئة الغم والحزن، ثم توضع للصلاة، فيقدمون للإمامة أكبرَ أبناء القاضي، فيتقدم ويقوم حيث يقوم الإمام من جنازة الرجل، ثم يُذهب بها، فيُدفن الميِّت في قبر بجانب قبر والد القاضي، ثم نرى الناس يتقدمون إلى أبناء القاضي على هيئة ما جرت به العادة في التعزية، إلى غير ذلك مما يدلنا على أن القاضي مات ولو لم نشاهد موته، ولم نسمع [٢/ ٣٣١] مخبرًا يخبر بموته. وهذه الأمارات قد تقوى وتكثر حتى يحصل القطع بموت القاضي، وذلك حيث يستحيل في العادة أن يتفق اجتماع مثلها لغير موته.
فإذا فرضنا أنه عندما سمعنا البكاء من بيت القاضي خرج طبيب كان قد دُعي قبل ساعة، فسئل، فقال: مات القاضي؛ فهذا الخبر قد يحصل به وبتلك الأمارات القطعُ حتى على فرض عدم الخبر.
وهذا الضرب قد تحتاج إليه أخبار الناس لوجهين:
الأول: تثبيت صدق المخبِر.
الثاني: الدلالة على معنى الخبر حيث لم يكن صريحًا، كما لو كان الطبيب لما سئل قال:«مات رجل كبير».
فأما الشرع، فإنه غنيٌّ عن تثبيت صدق أخباره، وإنما الشأن في ثبوت أنه أخبر، ثم في معنى الخبر، وكلا الضربين يدخل فيما يتعلق بالعقليات، كما يدخل في غيره.
وجَارَى السيد الجرجاني في «شرح المواقف» المتن، ثم قال (١): «وقد