للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشروعٍ فاضلٍ سببًا لمثل هذا الفرض؟

وقد أجيب عن هذا الإشكال أجوبة لا تُسْمِن ولا تُغنِي من جوع، وفيه إشكال آخر، بناءً على فرضِ أن أصل ذلك العمل مشروع، وإنما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمانعٍ، وهو الخشية؛ فإنه لو صحَّ هذا لكان على الخلفاء الراشدين أن يعملوا بهذا عند زوال المانع بوفاته - صلى الله عليه وسلم - ، فيؤمُّوا الناسَ في قيام رمضان في المساجد. فلماذا تركوه؟

أجاب بعضهم: أن الصحابة كانوا في زمن أبي بكر مشغولين بحروب الردّة، ولهذا لمّا استقرّ الأمر عمل به عمر.

وفي هذا أوّلًا: أنّ تضايق المدينة في قصة الردّة لم يَطُلْ، وبقي أبو بكر بعد ذلك مدةً متمكِّنًا كلَّ التمكُّن من القيام بالناس في المسجد لو أراد، وأن عمر لم يَقُم بالناس في المسجد قطّ، وإنّما أمر بما أمر به في آخر خلافته، فإنه استُشهِد آخرَ سنة ٢٣.

وقد روى عبد الرحمن بن عبد القاريُّ القصةَ كما في "صحيح البخاري" (١) أنه شهدها، وفي القصة ما يقتضي أن يكون عبد الرحمن حينئذٍ من أصحاب عمر، يدخل بدخوله ويخرج بخروجه، مع أن عُمره لوفاة عمر كان تقريبًا عشرين سنة، وعلى ما رجحه ابن حجر في "الإصابة" (٢) أربع عشرة سنة.

ورواها أيضًا روايةً واعيةً نوفلُ بن إياس الهذلي كما يأتي، مع أنهم لم يذكروه فيمن وُلِد في العهد النبوي، فعُمْرُه لوفاة عمر نحو ثلاث عشرة سنة.


(١) رقم (٢٠١٠).
(٢) (٨/ ٦٢) حيث رجَّح أنه وُلد في آخر عُمْر النبي - صلى الله عليه وسلم - .