للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا الدعاء، فإنّ ظاهر الآية الوجوب، وقد قال: «فأنصِتوا»، وظاهر النهيّ التحريم، وقد قال: «لا تفعلوا» و «فلا تقرأوا» وغير ذلك، لكنّه يجوز قول: «سبحان ربي الأعلى» عند قراءة الإمام: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} لوروده (١).

فأمّا قول: «وأنا على ذلك من الشاهدين» بعدَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨]، وقول: «بلى» بعدَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٤٠]، و «آمنا بالله» بعد {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: ٥٠] فذلك بعد تمام القراءة، فهو بمنزلة التأمين.

نعم، أمّا الدعاء عند آيات الثواب والاستعاذة عند ذكر العذاب، فإن دعا الإمام فللمأموم الدعاء؛ لأنّ الإمام حينئذٍ ليس في قراءة.

وأمّا من قال: «إن الآية نزلت في الكلام في الخطبة» ــ وهو الذي يميل إليه المفسِّرون ــ فهو موافقٌ لحديث: «من قال لصاحبه يوم الجمعة والإمام يخطب «صَهْ» فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له» (٢). وعليه فالظاهر وجوب الإنصات إلا إذا كان الكلام لمصلحة الخطبة، كما في حديث الذي سأل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يخطب بقوله: «متى الساعة؟ » فقال: «ما أعددتَ لها؟ » (٣). فافهم.


(١) أخرجه أحمد (٢٠٦٦) وأبو داود (٨٨٣) من حديث ابن عباس.
(٢) أخرجه أبو داود (١٠٥١) من حديث علي بن أبي طالب، وإسناده ضعيف.
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٨٨، ٦١٦٧، ٦١٧١، ٧١٥٣) ومسلم (٢٦٣٩) من حديث أنس بن مالك. وليس فيه أنه سأله وهو يخطب. بل في بعض طرقه أنه سأل والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان خارجًا من المسجد.