للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذات فأقرب المجازات الصحة والإجزاء، وهذا واضح لا غبار عليه، مع ورود أحاديث كثيرة تنصُّ على وجوبها وبطلان الصلاة عند عدمها.

وبهذا ــ ولله الحمد ــ تقرّر أن الفاتحة لا بدّ منها للإمام والمأموم في كل ركعة، لحديث المسيء صلاته (١)، وفيه: «ثم اقرأْ بما تيسَّر معك من القرآن»، فعلَّمه إلى تمام ركعة، وقال في آخره: «ثم افعلْ ذلك في صلاتك كلها». وفي رواية لأحمد وابن حبان (٢): «ثم افعلْ ذلك في كل ركعة».

وقد تحقَّق من حديث عبادة أن الفاتحة لا تصحُّ الصلاة إلا بها، فتكون هي الذي تيسَّر، وإذا لم يُسلَّم هذا فلا أقلّ من ثبوت وجوب ما تيسَّر في كلّ ركعة، ثم عيَّن حديثُ عبادة وحديثُ أبي هريرة الفاتحةَ، فتكون هي بمكان ما تيسَّر، وذلك في كلّ ركعةٍ، كذا قالوه.

وبعدُ، فقد تقرّر أن الرجل المسيء صلاته هو خلاّد بن رافع الأنصاري، كما ذكره ابن حجر وبيَّن مستنده في ذلك في «الفتح» (٣)، وخلاّد استشهد ببدرٍ، فدلّ على أنه كان أولَ الأمر يكفي في القراءة ما تيسر من القرآن: الفاتحةُ أو غيرها، ثم أوجبت الفاتحة، وعلى هذا يدلُّ حديث أبي داود (٤) عن أبي سعيد قال: «أُمِرْنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسَّر»، وعن أبي هريرة (٥) قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اُخرجْ فنادِ في المدينة أنّه لا صلاة


(١) أخرجه البخاري (٧٥٧) ومسلم (٣٩٧) من حديث أبي هريرة.
(٢) «مسند أحمد» (١٨٩٩٥) و «صحيح ابن حبان» (١٧٨٧) من حديث رفاعة الزرقي.
(٣) (٢/ ٢٧٧).
(٤) رقم (٨١٨).
(٥) عند أبي داود (٨١٩).