للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأولى وغيرها (١). قال الباجي في "المنتقى" (٢): "ويحتمل أن يكون عبد الله بن عمر كان يفعل الأمرين جميعًا، ويرى ذلك واسعًا فيهما".

أقول: يدل مجموع الروايات عن ابن عمر أنه كان يرى أن أكمل الرفع أن تحاذي يداه منكبيه، وأنَّ أصل السنة يحصل بما دون ذلك، ولاسيَّما إذا كان هناك عذر. فكأن ابن عمر [٢/ ٢٧] لما كبِرَ وضَعُف كان ربما يتجوز في الرفع، فيرفع إلى الثديين أو نحو ذلك. وربما يرفع في الأولى رفعًا تامًّا لأنها آكد، ويتجوز في الباقي. وكأنَّ ابن جريج جوَّز أن يكون المشروع التفرقة بأن يكون الرفع في الأولى أعلى، وسأل عن فعل ابن عمر ليستدل به على ذلك، وفهم نافع هذا فأجابه بحسبه. فمحصل الجواب أن ابن عمر لم يكن يتحرى التفرقة تحرِّيًا يُشعِر بأنها مشروعة، بل كان ربما يتجوز في الأولى أيضًا. فمن الجائز في الحكاية عن مجاهد أنه كان وراء ابن عمر غيرَ قريبٍ منه، فاتفق أن ابن عمر رفع في الأولى رفعًا تامًّا رآه مجاهد، وتجوز في الباقي فلم يره. ومن الجائز أن يكون ابن عمر سها في تلك الصلاة التي رَقَبه فيها مجاهد إن كان رَقَبه.

وقد قال البخاري في "جزء رفع اليدين" (٣) في الجواب عن تلك الحكاية: "قال ابن معين: إنما هو توهُّم لا أصل له، أو هو محمول على السهو كبعض ما يسهو الرجل في صلاته. ولم يكن ابن عمر لِيدَعَ ما رواه [عن] النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مع ما رواه عن ابن عمر مثلُ طاوس وسالم ونافع


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٧٥) ومن طريقه البخاري (٧٣٥) وغيره.
(٢) (٢/ ٣٢) ط. دار الكتب العلمية.
(٣) انظر (ص ٥٥، ٥٤، ١٥١) منه.