ثبوته، وأن لا نُعوِّل على حديثٍ ليثبتَ أن وافقَه بعضُ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يُرَدُّ لأن عمِلَ بعضُ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عملًا خالفَه، لأنَّ لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين كلِّهم حاجةً إلى أمرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليهم اتباعه لا أنَّ شيئًا من أقاويلهم تَبِعَ ما رُوي عنه ووافقَه يزيدُ قولَه شِدَّةً، ولا شيئًا خالفَه من أقاويلهم يُوهِن ما رَوى عنه ــ أي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ــ الثقةُ، لأن قولَه المفروضُ اتباعُه عليهم وعلى الناس، [ص ٤٤] وليس هكذا قول بشرٍ غيرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الشافعي: فإن قال قائل: أَتَّهِمُ الحديثَ المروي عن رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتَّهِمَ [الحديث] عن بعض أصحابه لخلافِه، لأن كلًّا روي خاصةً معًا. وإن يُتَّهما، فما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى أن يُصار إليه. ومن قال منهم قولًا لم يَرْوِه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يجز لأحدٍ أن يقول: إنما قاله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لِما وصفتُ من أنه يعزُبُ عن بعضهم بعضُ قوله، ولم يجزْ أن نذكره عنه إلّا رأيًا له، ما لم يقلْه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإن كان هكذا لم يجزْ أن يُعارَضَ بقولِ أحدٍ قولُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ولو قال قائل: لا يجوز أن يكون إلّا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يحلَّ له خلاف من وضعه هذا الموضع. وليس من الناس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلّا وقد أُخِذ من قوله وتُرِك لقولِ غيرِه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز في قول النبي