بعد بيان حقيقة الوتر في السُّنَّة ذكر في المقالة الأولى رأي الإمام الشافعي في "الأم" في بيان حقيقة الوتر وأنها ركعة واحدة، وذكر مذهب الإمام مالك وأبي حنيفة نقلًا عن الباجي وابن رشد، وأورد الأحاديث الواردة في الاقتصار على ركعة واحدةٍ في الوتر، وذكر صنيع أصحاب السنن وخاصةً الإمام النسائي في بيان عدد الوتر، فإنه قصد بعقد أبواب الوتر أن الوتر ما صُلِّي وترًا بتسليمةٍ واحدة، سواء كان ركعةً أو ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا، وهذا المعنى هو الذي عليه عامة الأحاديث والآثار. وإذا أُطلق الوتر على أكثر من ذلك فالمراد به صلاة الليل.
ثم تكلم على معنى حديث:"صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل"، وأنه لا يفيد الحصر، فقد منعت منه قرائن، منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ثبت عنه الوصل بثلاث وبخمس وبسبع وبتسع. وأورد بعض الأحاديث التي تُوهم أن الإحدى عشرة والثلاث عشرة كانت موصولة، ولكن عامة الأحاديث أنها لم تقع إلّا مفصولةً.
ثم ذكر الأحاديث التي احتج بها الشافعية للاقتصار على ركعة واحدة في الوتر، وقال: في كلّ أدلتهم نظرٌ. ثم تكلم على هذه الأحاديث، وبيَّن معانيها، وناقشهم طويلًا، وقرَّر أن إطلاق الوتر على الركعة الواحدة خاصٌّ بما إذا كانت مفصولةً، ويُشترط الشفع قبل الواحدة، ولا يكفي في ذلك سنة العشاء.
ثم عقد "الفصل الثاني في الاقتصار على الثلاث"، وذكر مذهب الشافعية والحنفية في ذلك، وأورد أحاديث الإيتار بثلاثٍ وحديث النهي عن الثلاث:"لا توتِروا بثلاثٍ تشبِّهوا بصلاة المغرب"، وبيَّن المقصود منهما بعد