للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "القاموس" (١): "وبلغ كذا فصاعدًا؛ أي: فما فوق ذلك".

وقد رُوي حديث القطع بلفظ: "فما فوق" (٢) بدل "فصاعدًا"، وقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: ٢٦]. وليس المعنى بعوضة مع ما فوقها.

وهكذا ما في "صحيح مسلم" (٣) عن عائشة رضي الله عنها ترفعه: "ما من مسلمٍ يُشاك شوكةً فما فوقها إلَاّ كُتِبتْ له بها درجة، ومُحِيتْ عنه بها خطيئة". المعنى: يصيبه شوكة أو ما هو فوقها، وليس المعنى: تصيبه شوكة مع زيادة فوقها، أعني أنَّ الأجر المذكور متحقِّقٌ بإصابة الشوكة فقط، وليس المعنى: أنه لا يتحقَّق إلَاّ إذا انضمَّ إلى الشوكة زيادة.

واعلم أنَّ قولهم: "فما فوقه" يجيء على وجهين:

الأول: أن يكون المراد ما هو أعظم مما قبل الفاء، بدون أن يتضمَّن ما قبل الفاء؛ كما في الآية والحديث.

والثاني: أن يكون المراد به ما هو أزيد مما قبل الفاء؛ أي: بحيث يتضمَّن ما قبل الفاء وزيادة؛ كما في حديث القطع؛ لأنَّ المراد بربع دينار فيه ما يساوي ربع دينار اتفاقًا. فكل مالٍ يكون فوق ما يساوي [ص ٣٣] ربع دينار فهو عبارة عما يساوي ربع دينار مع زيادة.

فأما قولهم: "فصاعدًا" فإنما تصلح في الوجه الثاني؛ كما يعرف من


(١) (١/ ٣٠٧).
(٢) عند مسلم (١٦٨٤/ ٣).
(٣) رقم (٢٥٧٢).